أستعملوا القرآن

“قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا” سورة  الكهف الاية 109

إن تلك الآية الرائعة التي ألفتها أذان كل من تربى على استماع إذاعة القرآن الكريم، نتفق جميعا أنها تشرح لنا مدى علم الله الذي ليس له نهاية، وربما بإختلاف عقولنا وأوجه ودرجات أذهاننا وطبائعنا يختلف التفسير، ولطالما أعتبرت هذا الأمر صحي ومفيد، لأن القرآن الكريم كما نعلم معجزة كبرى مليئة بالأسرار والألغاز، ولأن التباين والاختلاف طبيعة بني البشر فلا يعقل أن تكون أعظم معجزة وجدت لهدايتهم لدين الحق ذات رؤى واحدة أو ترمي لمعاني وأغراض ظاهرة أو بسيطة التراكيب، فهذا كلام الله الكمال المطلق، فإذا كان البشر يبرعون في استخدام الكلمات بإوجه متعددة وتحمل الكثير من المعاني والاغراض فكيف بخالقهم.

لذلك لطالما أحببت أن أستشعر في القرآن أنه موجه لي وأن الله يحادثني والسنة تحثنا على ذلك بالفعل فكانت احدى معجزات القرآن ان فيه اجابة كل سائل، وجرب ذلك اذا همك امر ما وستجد نفسك تستشف الاجابة من آياته، فاذا كان القرآن معجزة في ذاته كل يوم يثبت لنا ذلك مرة بالعلم ومرة باللغة ومرة بالمنطق والحجة، بالطبع فهذا كلام مالك الملك الكبير المتعال القادر فوق كل قدرة، فهل يشعرك قدسية هذا الكلام ان له قوة؟؟

كلنا يعلم ان في القرآن شفاء لما في الصدور ودواء من كل داء، فهل جربت أن تستخدم هذا الدواء بيقين الشفاء؟،

غالبا ستقول نعم بالمعوذتين وبآية الكرسي وغيرها من آيات الحصن والحماية أو بقراءة السور التي عرفنا شيئا عن أسرارها كالبقرة ويس، ومن هنا نصل أن لكلام الله قدرات قد نعرفها وقد لا نعرفها بحكم إعجاز القرآن أمام قدراتنا وعلمنا المحدود. لذلك لطالما اقتنعت أن لكل آيات القرآن قوة، وبالفعل بدأت في القراءة والتفكر واستخدامها، ومنها تلك الآية التي بدأت بها مقالي، بعد أن عانيت لفترة من فتور الكتابة التي أعتبرها إحدى أسباب وجودي في الكون ولا استطيع التوقف عنه، ومع ذلك كنت أعاني بالفعل من عدم استطاعتي الكتابة وهروب الأفكار مني، إلا أن هداني الله لتلك الآية التي تذكرتها وحدي فجأة بلا سبب، وبدأت في ترديدها، وبالفعل بدأت الأفكار تعود للتدفق لعقلي شيئا فشيا.

إنها ليست المرة الأولى التي استخدم فيها القرآن لغرض ما خاص بي، حتى أني كنت أقرأ القرآن لابحث فيه عن ضالتي التي أعالج بها أي مشكلة تواجهني، لن أدعي أنها جميعا حلت كما أريد، لكني لطالما اقتنعت أنها تسري كما أرادها الله وكما يراها أفضل، لأني استعنت به في حلها أولا، أو كما قرأت مرة أن الاستعانة بالله للشفاء من الأمراض مثلا شرط لاستجابة الله قبل أن تستعين بالطب أو الدواء وهي في الأصل أدوات يرسلها الله إليك والفارق كبير بين أن تستعين بالدواء وأن تستعين بالله مستخدما الدواء، وحول هذا المغزى العديد من الأمثلة مثل “فسيكفيكهم الله” إذا خفت أذى أحدهم، أو “قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم” إذا احترقت يدك أثناء طهي الطعام، ولا تستخف بالغرض الذي تستعمل له القرآن واعتبر أنها وسيلة لتثبيت اليقين بالله والاستعانة به في كل شيء وأي شيء، أذكر وصفة إحدى الجارات التي أعجبتني جدا عندما نصحت أمي أن تتلو “لإيلاف قريش” أثناء الطبخ لزيادة البركة في الطعام، أو “وألقيت عليك محبة مني” التي أحب أن أرددها إذا ذهبت لمقابلة هامة وكذلك “وما توفيقي إلا بالله” أو كما كنا نستخدم قديما عند الذهاب للإمتحانات “رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي” استعمال القرآن لا يقتصر فقط على الاستفادة من منفعته الوقتيه أو مفعول قوته، ولكنه نوع من العبادة في تعظيم كتاب الله و اثبات الاستعانة بالله والتوكل عليه بجانب العمل به، انه شيء من التدبر ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …