ترسيم حدود البحر الاقليمي فى المضايق 2/3

مجرد راى:بقلم رامى الصياد

ذكرت فى الحلقة السابقة بعض النقاط التى تدلل على مواد القانون الدولى التى تحكم المضايق والممرات البحرية وكيفية تقسيم المياه الاقليميه ويستكمل في هذه الحلقة التعرف على البحر الاقليمى فى المضايق وكيفية ترسيم الحدود البحرية .

لن تكون هناك صعوبة عندما يكون المضيق من السعة بحيث يتجاوز ضعف عرض البحر الإقليمى للدول المضائقية، وبالتالى يتوسط المضيق ممرًا مائيًا فى مساحة من أعالى البحار ولذا فإنه يخضع للمبدأ العام فى حرية الملاحة فى أعلى البحار شريطة أن يكون هذا الممر ملائما للملاحة بذات القدر المتحقق فى أجزاء البحر الإقليمى داخل المضيق.
وإذا كان المضيق لا يصل بين رقعتين من أعالى البحار وكان يقع بأكمله داخل إقليم دولة واحدة فإن مياهه تعتبر مياها داخلية، ويخضع للسيادة الإقليمية لهذه الدولة وتباشر عليه اختصاصها ولها أن تنظم الملاحة فيه بالطريقة التى تراها متفقة مع مصالحها. وإذا كان هذا المضيق تطل عليه شواطىء أكثر من دولة فإن لكل دولة أن تباشر السيادة على الجزء من مياه المضيق الذى يدخل فى مياهها الإقليمية، ولهذه الدول أن تنظم الملاحة فيه بما يحقق مصالحها.
أما فى حالة المضيق الذى يصل بين رقعتين من أعالى البحار، فإن المبدأ العالم يقرر حرية المرور لسفن جميع الدول حتى ولو وقع المضيق برمته فى إقليم دولة واحدة إلا إذا وجد تنظيم خاص مخالف، غير أن تطبيق هذا المبدأ يثير صعوبات، خاصة بوضع السفن الحربية فى وقت السلم، والسفن جميعا وقت الحروب إذا كانت الدول المضائقية أطرافًا فى الحرب.
إذا كان ذلك هو الأصل العام فى حكم المضايق إلا أنه كثيرا ما يثور التعارض فى الواقع بين اتجاهات الدول المضائقية والدول الأخرى، فالأولى تحاول أن تفرض سلطانها الفعلى على المضيق عن طريق رقابة السفن المارة وفرض الرسوم عليها. بينما تنادى الدول الأخرى بكفالة حرية مرور كاملة دون أية قيود. ولقد تعرضت محكمة العدل الدولية لمسألة المرور فى المضايق، وذلك فى حكمها الصادر فى قضية مضيق كورفو التى ثارت بين بريطانيا وألبانيا عام 1949 حيث أكدت مبدأ حرية الملاحة فى المضايق الدولية ورأت المحكمة أن المعيار الأساسى فى تحديد المضيق الدولى هو الذى يستفاد من الوضع الجغرافى للمضيق وهو كون المضيق يصل بين رقعتين من أعالى البحار ومستخدم فى الملاحة الدولية بصرف النظر عن كونه طريقا ضروريا أو اختياريًا للملاحة، وأكدت مبدأ حرية الملاحة فى المضايق أيضًا اتفاقية جنيف بشأن البحر الإقليمى والمنطقة المجاورة لعام 1958 فى مادتها السادسة عشر، ولم تقصر هذه الحرية على المضايق الدولية التى تصل بين رقعتين من أعالى البحار بل إلى المضايق الواصلة بين جزء من أعالى البحار والبحر الإقليمي لدولة أخرى. ويبدو أن هذا الحكم الأخير قصد منه مواجهة حالة مضيق تيران فى مدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر. وعلى خلاف ذلك تناولت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 تنظيما للوضع القانونى للمضايق المستخدمة للملاحة الدولية فىالجزء الثالث منها (المواد من 34 – 45) حيث فرقت بين ثلاث حالات:
الحالة الأولى:
المضايق المنظمة باتفاقات خاصة حيث قررت الاتفاقية أن ما تضمنته من أحكام خاصة بالمضايق لا تمس الأنظمة الاتفاقية الخاصة بالمرور فى المضايق وعدم المساس هذا مشروط بأوضاع معينة حددتها المادة 35 من الاتفاقية فى فقرتها الثالثة التى تنص على أنه ليس فى هذا الجزء ما يسمى النظام القانونى فى المضايق التى تنظم المرور فيها، كليا أو جزئيا اتفاقات دولية قائمة ونافذة منذ زمن طويل ومتصلة على وجه التجديد بمثل هذا المضايق ويتضح من هذا النص أنه لكى يعتبر المضيق منظما باتفاق خاص، وبالتالى لا تسرى عليه أحكام الاتفاقية العامة يتعين أن يكون هذا الاتفاق متعلقا بالمرور فى هذا المضيق ومنظما له من جوانبه المختلفة سواء تعلق ذلك بالمرور فى المضيق بأكمله أو فى جزء منه، وأن يكون هذا الاتفاق قائما ونافذا منذ زمن طويل بما يفيد جريان العمل وفق هذا التنظيم بصورة مستمرة وعلى مدار من الوقت بحيث صار مقبولًأ ومألوفا بصورة عامة الدول المعنية، وخاصة الدول المشاطئة للمضيق، ومن المضايق المنظمة بتفاقيات خاصة! المضايق الدانمركية والمضايق التركية (الدردنيل والبوسفور) ومضيق ماجلان ومضيق جبل طارق.
الحالة الثانية:
المضايق التى يمر بها طريق فى أعالى البحار أو منطقة اقتصادية خالصة هى الحالة التى نظمتها المادة 36 من الاتفاقية بتقريرها أن أحكام المضايق الواردة بها لا تنطبق على أى مضيق مستخدم للملاحة الدولية إذا وجد خلال ذلك المضيق طريق فى أعالى البحار، أو طريق يمر بمنطقة اقتصادية خالصة يكون ملائما بقدر مماثل من حيث الخصائص الملاحية والهيدروغرافية، وتنطبق على هذه الطرق الأجزاء الأخرى ذات الصلة من هذه الاتفاقية، بما فى ذلك الأحكام المتعلقة بحرية الملاحة وحرية التحليق. ومفاد هذا النص أن المضايق التى هى من السعى بحيث يتوسطها ممر مائى يعد جزءا من أعالى البحار أو من المناطق الاقتصادية الخالصة للدول الساحلية يسرى عليها مبدأ حرية الملاحة والتحليق المطبق فى أعالى البحار والمناطق الاقتصادية الخالصة حسب أحكام الاتفاقية. أى أن لسفن جميع الدول حق المرور بحرية عبر هذا الممر داخل المضيق وكذلك حرية تحليق طائراتها فوقها ولا يقيدها فى ذلك سوى القيود العامة على الملاحة والتحليق والتى تحكمها المبادىء العامة للاتفاقية والقانون الدولى عمومًا.
الحالة الثالثة:
المضايق التى لا تدخل فى الحالتين السابقتين: وفى شأن هذه المضايق تجد أن الاتفاقية أعطت نظامين مختلفين للمرور عبرها حسب المناطق البحرية التى يصل المضيق فيما بينها.

 

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …