الوزير ومعركة لقمة العيش

بقلم : رئيس التحرير 

المتابع للازمة الاخيرة، التي شهدتها وزارة التموين والتجارة الداخلية، الاسبوع قبل الماضي، يدرك حجم الحرب التي تواجهها الدولة المصرية، ويشارك فيها بعض منا دون قصد، لمجرد انه ناقل للمعلومات دون تدقيق، فيصبح كمن يسكب مزيدا من البنزين على النار، التي قد تطاله وهو لا يشعر. وكالعادة في كافة الأزمات التي تواجهها الدولة منذ ثورة 25 يناير 2011، تكون البداية، تسريب قرار مقتضب، تنقصه الإيضاحات، تتلقفه الآلة الاعلامية المناهضة للدولة، فتصنع له “البهارات” اللازمة، لصناعة الحبكة الإعلامية المطلوبة، لتقدمه وجبة ساخنة، مليئة بالإثارة، لمواقع التواصل الاجتماعي اولًا، ثم تقوم المجموعات المرابطة عليها بأعمال التغليف والتعليب والذى منه، لفتح شهية المٌتلقي، ويصبح الطبق جاهزًا.

حالة من الاستنفار تستقبل بها المجموعات على الأرض هذه الوجبة، وهو ما تم بالفعل مع قرار الدكتور على مصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية الخاص بخفض حصة الكارت الذهبي لدى أصحاب المخابز التي تعمل ضمن منظومة الخبز، من 3000 رغيف يوميا الى 500 رغيف، ليبدأ اللعب والتضليل فيحول الفاسد الى مناضل، ويتم التدرع بصراخ وعويل البسطاء ممن لا يشغل بالهم سوى الحصول على “لقمة العيش”، وأنا هنا اطلب ممن سقط وفى الفخ من الزملاء ان يتمترسوا بالحقيقة والتدقيق للمعلومات فيما يتناولون من قضايا خاصة اذا كان لها تأثير على الأمن والسلام الإجتماعي للمجتمع.
فقد سقطت قامات إعلامية في الفخ وسارت تردد أن قرار الوزير جانبه الصواب، بل وأخرجت كافة اسلحتها المشروعة وغير المشروعة في الحرب علي الوزير، وأتهمته بالفشل، بل إن البعض منها قال عنه ” حافظ مش فاهم ” وعبارات كثيرة جعلتني اتساءل، اليس من واجب الاعلام البحث عن الحقيقة؟ أم يقتصر على نقل الخبر دون تدقيق له أو التأكد من صحته، خاصة ونحن في عصر الكلمة فيه باتت أقوى من الرصاصة.
فما شرع إليه وزير التموين من قرار لتخفيض حصة الكارت الذهبي قرار تأخر كثيرا، في ظل سعى الحكومة لكى يصل الدعم الى مستحقيه، فقد حصل العديد من أصحاب المخابز على ملايين الجنيهات من اموال الدعم من خلال الكارت الذهبي، بل مما زاد الطين بله هو أن الوزير السابق أعفى اصحاب المخابز من رد تلك الأموال الى خزانة الدولة بعد ان قامت بحصرها الجهات الرقابية، وبلغ حجم المبلغ المستحق الدفع للدولة أكثر من 2 مليار جنيه، كان نصيب صاحب أصغر مخبز يحصل على 8 أجوله من الدقيق يومياً 100 ألف جنيه بعد فشل اصحاب تلك المخابز في تقديم اوراق لأجهزة الرقابة والتفتيش تثبت أنهم قاموا بصرف حصص الخبز للمواطنين، وخوفا من بطش بعض أصحاب المخابز وإشعالهم لنار الفتنة كما فعلوها مع الوزير الحالي قام سابقه بتقسيط تلك المبالغ ، التقسيط المريح جدا جدا .
ان قرار وزير التموين اغلق بابًا أهدرت منه مليارات من أموال الدعم تصل إلى جيوب قله فاسدة في تلك المنظومة.
ولا اظن ان منظومة دعم السلع التموينية تحتاج الى هذا القرار فقط، ولكنها تحتاج الى حزمة قرارات أخرى سريعة تشمل وضع رقابة صارمة على تلاعب بدالي التموين، الذين يلهبون ظهور البسطاء بتلاعبهم بالسلع، وكذا الرقابة التموينية، بالإضافة الى استباق التجار بخطوة قبل ان يصنعوا الازمة وتصبح رقبة الحكومة تحت ايديهم، مثل أزمات السكر والارز والزيت.
أثق فى الدكتور على مصيلحى فهو محارب قديم وأعتقد انه خلال الفترة الماضية كان يشاهد المنظومة من خارج الصندوق، فننتظر منه حلولاً لها غير مسبوقة، لكى يشعر البسطاء ومحدودي الدخل أن الدولة تقف الى جوارهم ولن تتخلى عنهم.

m. aminaly@yahoo. com