اعلام “لاتقربوا الصلاة”

– لاتقربوا الصلاة ….. معقول
– انت هتجادل ده قرآن ربنا
-أكيد  الامر ده … لناس معينة
– لا ياعم …. ده الكفار
– قصدك …. الكفار مايصلوش ؟ !!
وهكذا تبدأ المناقشات فالنص “قرآني” لكنه مقتطع من سياق لم تتم الاشاره إليه وتم اختياره بصورة مقصودة ليتم استغلاله لهدف محدد .
هذا مايحدث بالضبط في اعلامنا الحديث حيث يتم اختيار جزء من التصريحات والمعلومات والواقع وكل شيء ليقرر أن يحاصر تفكيرك بصورة محددة ليصل إلي شيء آخر .
 فيأتيك الاعلامي الأكثر موضوعية في رأي البعض يسري فوده ليبدأ حلقته عن معاناة السوريين بعد ثورة الثلاثين من يونيو بكلمات الدكتور محمد مرسي التي يمنح فيها المواطن السوري كل الحقوق فيجعلك تعتقد أن المواطن السوري أصبح يعاني بعد “مرسي” راصداً حالة مكثفة من المعاناة ، متناسياً أن هذه القرارات سبق اتخاذها منذ سنوات والحقوق قدمها المجلس العسكري وأن “معاناة المواطن السوري” هي معاناة “المصري” في فترة حربٍ “للابقاء” علي الدولة المصرية غير متذكر للمعاناة الحقيقية التي يعيشها ذلك الاجيء في كل مكان  .
أو تعلن لميس الحديدي في أول ساعة عن ضعف مشاركة المصريين في انتخابات الرئاسة بل تدعو المواطنين للمشاركة وكأنها تحاول جاهدة تغيير قراراهم بعدم المشاركة ، لقد نقلت بالفعل مايحدث أمام لجان  في أول ساعات بدء الانتخابات لكنها عدة لجان يقابلها الالاف وفي الساعات الأولي فقط من اليوم الأول في انتخابات أقر الجميع بنتيجتها مسبقاً .
 أو يأتيك ابراهيم عيسي في مناظراته بجمل متوالية للضيفين فتشعر أن كل منهما يريد أن يقول  “فين السؤال” ، بالتأكيد ليس هناك اختلاف علي بلاغته في السرد والانطلاق من موضوع لآخر بحسب الهدف الذي عادةً ما يتغير من وقت لآخر .
 بل يأتيك يومياً كل من أصبح يحمل لقب اعلامي بمقدمات “نارية أو ثلجية” ؛علي الرغم أن أول بديهيات الاعلام التي يتعلمها الجميع عدم الاعلان عن الرأي  .
المشكلة ليست في هذه النماذج وغيرها ، فالكارثة أن يعتقد البعض أن ما يُقدم للمواطن المصري هو الكائن الاسطوري المندثر الذي كان يُطلق عليه في الماضي “موضوعية” .
فما يحدث في اعلامنا الحديث نمط ليس بجديد بل موجود منذ نشأة الاعلام بكل مجالاته وتطوراته لكنه يتخذ أشكالاً متنوعة  وصولاً إلي مايحدث الآن ؛ فالاحترافية الحالية تجعل اختيار الموضوع وطرح تساؤلاته وترتيب المعلومات واقتطاع الجمل الطريق الأمثل لاحراز الهدف الذي تم تحديده منذ البداية ، وهذا مايحدث في أكثر البرامج التي يمكن أن يراها البعض نماذج لل “موضوعية” فما بالك بالاخرين !!
يمكنك ببساطة أن تطبق ذلك علي كل مايقدم في وسائل الاعلام ، ستلاحظ الاقبال من الجميع علي “موضوع” بعينه ليصبح حديث الساعة وتجاهل الكثير من الموضوعات والاحداث والتركيز علي معلومات بعينها واقتطاع أجزاء من كل شيء ويمكنك أن ترصد  أكثر  .
لازلت استرجع كلمات أستاذي في كلية الاعلام دكتور سعيد السيد الذي أكد ببساطة أنه لايوجد موضوعية لأن كل منا لديه وجهة نظر تجعله يختار هذه الكلمة ويتجاهل تلك،  أويتناول هذا الموضوع ولايقترب من ذلك ، ويتناسي ذكر معلومة أو يكتفي بجزء منها ، وأتذكر جيداً النموذج الأكثر وضوحاً الذي طرحه : أنك تختار عند صياغة الأخبار مابين كلمات (الدولة الاسرائيلية أو المحتل أو دولة الاحتلال) ، فكل من هذه الكلمات تحمل خلف توصيفها الكثير الذي يجعلك تواجه اختيارات أخري بين (الاعتداءات أوالارهاب أوالمقاومة ) وثم تتوالي الاختيارات التي بدأت بأول اختيار ؛ علي الرغم أن كل ذلك وصف لشيء واحد . فهل نحن مدركون ؟

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …