اللعب في الدماغ …. الجزيرة نموذجاً

لا يمكن لاعلامي مهما كانت رؤاه السياسية أن يتجاهل قناة الجزيرة القطرية ودورها الاعلامي والسياسي في المنطقة ، فتاريخ القناة حافل بالكثير منذ البداية ؛ فقد جاءت شاشتها لتضع شعار القناة الذي يحرك المياه الراكدة مستخدماً نفس التصميم لأحد أشهر برامج  التليفزيون المصري  في ذلك الوقت “ليلتي” ، واستعان كذلك بعنوان برنامج يعد الأشهر في تاريخ الاذاعة المصرية للاعلامي القدير عمر بطيشه “شاهد علي العصر” ليصبح احد أهم برامجه ، وكأنها أرادت منذ البداية أن تجعل كل شيء مرتبط بها لينسي المشاهد “التاريخ” المصري .

لم يكن “لوجو” أو شعار القناة محض صدفة وكذلك “البرنامج” فقد أثبتت الأيام أنه أسلوب “قناة” ، لذلك  لم أشعر بأي مفاجأة أثناء متابعة بعض “نشاط” القناة تخليداً لذكري أحداث رابعة ، ولم أصاب بأي اندهاش لرؤية بضعة مواطنين هنا أو هناك لايتجاوز عددهم أصابع اليد يرددون كلمات وشعارات والدعوة للثورات ؛ علي الرغم من عدم وجود مشاهد تمثل أي جوانب أخري ؛ كل ذلك بدعوي الموضوعية والمهنية التي لم اضبطها يوماً متواجدة في التغطيات المتعلقة بأحداث مصر فعادة ما تنحاز القناة لجانب محدد .

تلك الممارسات علي الرغم من تجاوزها مفهوم المهنية والموضوعية ؛ الا أنها معتادة بصورة ما عندما تتبني “الوسيلة الاعلامية” انحيازاتها السياسية ، فملكية القناة وعلاقات مالك القناة والكثير من النقاط تؤثر بصور متفاوتة علي كيفية تقديم الموضوعات ، لكن الكارثة التي مارستها تلك القناة هذه المرة تتجاوز كافة الخطوط فعندما تحيي الذكري الثالثة لأحداث رابعة وفي نفس اللحظة تحيي صمود الشعب الفلسطيني في ثورته الثالثة  ، لنجد الشاشة تتوالي مشاهدها بين لحظة وأخري بين الجيش المصري والجيش الاسرائيلي من خلال مشاهد منتقاة من هنا وهناك ، ليختلط الأمر  مابين الجيش المصري والجيش الاسرائيلي و مصر وفلسطين  ؟ ، وليتبادر إلي ذهن المشاهد  النضال ضد المحتل الاسرائيلي وهو يشاهد الضابط المصري ، وليتذكر ماقيل عن  “والدة” الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أنها”يهودية” ناسياً بتأثير ذلك الشحن المعلوماتي المتوالي أن منبت رأسه منطقة الجمالية الضاربة في عمق مصر وأنه أولاً وأخيراً ضابط في الجيش المصري !!. لا اعتقد أن ذلك التطور جاء  “صدفة” ؛ فمنذ سنوات تتوالي الأقاويل عن “ضعف” الحديث النبوي الشريف الذي يصف المصريين بخير أجناد الأرض وفي المقابل يتم الاكتفاء بالنص القرآني الذي يسرد قصة نبي الله موسي وهروبه وأهله من مصر ثم يتم الاقتصار علي ذكر لفظ “فرعون” وجنوده !!! .

هذا مايتم تصديره للمشاهد المصري والعربي الذي ربما يتعاطف مع “المظلومية” المقننة التي يتم دعمها بكافة السبل والوسائل المغلوطة والمقصودة ، فهذه الصورة التي وصلنا إليها جاءت عبر سنوات من الأقاويل والاشاعات و الحقائق المغلوطة التي يتم ترتيبها باتقان ومن يدري ماذا بعد ؟ .

اللافت للنظر أن هذا الأسلوب لم يقتصر علي الرسالة المقدمة للمشاهدين بل امتد نحو العاملين بالقناة ، فقد كتبت إحدي مخرجات القناة شهادتها في مقال مؤكدةً أنها كانت تشعر أنها تعمل في “كعبة الحرية” ، ولم تلتفت  أن كل اعمالها التي كانت نقداً لمصر حُذف منها الثلاث دقائق الوحيدة التي تطرقت  فيها للسعودي الوليد بن طلال في حلقة عن دور رجال الأعمال وأنها شاهدت الحذف مثل أي مشاهد !!!! ورغم ذلك لم ترَ أنها لم تكن سوي أداة لها دورها المحدد المطلوب الذي يتناسب مع أرائها وأفكارها ولم تعترف أنه عند تجاوز ذلك الدور يتم إنهاء التعاقد !! .

الكارثة هذه المرة أن تتوالي الأقاويل والشائعات بصورة مقصودة لتشكل الصورة الذهنية المطلوبة عن الجيش العربي الوحيد الباقي في المنطقة بعد ضياع الجيش العراقي ومتاهة الجيش السوري ، فهل نحن مدركون ؟

د . هبة سعد الدين

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …