عندما ترك القمر مداره

حبيبي، أخبرني بربك كيف صار القمر لنا بساطا يسير بنا مضيئا بين عتمة الفضاء السحيقة؟، إن آخر ما أذكره فستاني الذي أدركته قبل أن يسقطني وأنا خلفك تمسك بيدي لنصعد للقمر على درجاته الزرقاء، وأذكر كم شربنا من نور القمر بدون أن نسكر، وكلما اغترفت لي منه بكأسك الفضي زاد نورا وبهاء، بل أذكر أيضا كيف غارت عيناك عندما انتبهت لبريق النجوم الآخاذ، فابتسمت وغنيت أغنيتي المفضلة حتى تجمعت من حولي النجوم ثم تشكلت عقدا تدلى على صدري، ولن أنسى ما حييت نظرتك الحانية التي تركزت على عيني لبرهة من الوقت لا أستطيع تقديرها غبنا فيها سويا عن الوجود وكسرنا خلالها حاجز الزمن وقلنا فيها الكثير من الكلام الذي لا تحتويه الحروف وبعدها أخرجت من جيبك العلبة القطيفة الحمراء وبينما كنت تفتحها وتفرغ فاهها أمامي التهمتني وسحبت روحي بداخلها، حتى بدى لي أروع وأغرب ما رأته عيني قط، قل لي بربك يا حبيبي، كيف استطعت أن تختزل الدنيا وما فيها في حجر خاتمنا العزيز؟ أذكر أننا غنينا وعزفنا على أوتار الشهب وصمت و سكون الفضاء وشهدت المجرات وشموسها على أحاديثنا الطويلة، قبل أن تغفوا عيناي بين زراعيك حتى جمعت لي قطع من السماء كوسادة، فلم أعرف لو كان ما كان حلما أم واقعا، فتحت عيناي عليك تراقبني والقمر سائر بنا في هدوء سحري، لم أستطع مقاومة الرغبة في الصمت والنظر إليك في حالة تأمل طويلة، قبل أن أكسر جمال هذا الصمت وأسألك، حبيبي، أخبرني بربك كيف صار القمر لنا بساطا يسير بنا مضيئا بين عتمة الفضاء السحيقة؟

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …