العاشقون

السابحون في الهواء، الواقفون علي حواف الانهيار، بإرادتهم، ويرفضون القفز، الصارخون بصمتهم والناحبون حد القهقهة، تكاد تتركني الروح لتقف بجوارهم، بين حين وآخر، لطالما انتمت لهم، لطالما قرأتهم، كالمستأذبون الذين يتشاركون أفكار بعضهم البعض بالتخاطر حد اللمس والمشاعر.

 أصحاب موسيقي الأندرجراوند، والصوفية، اللامبالون، المعربدون، متعاطي القهوة والموسيقي والحزن، أنا منهم قلبا وليس قالبا، أتخيل نفسي معهم في نشوة الجنون، نعم فللجنون نشوة مذهلة، لا يعرفها إلا المحظيين، إنها النفاذة السحرية ما بين الممكن والمستحيل، كجحر الأرنب الذي سقطت فيه آليس.

إنه مذاق رؤية الجنة رأي العين كالسراب وعدم اليأس من لمسها كلما مددت لها يدك بينما أنت تتألم في جحيم الدنيا، إنها كشعور مصاصي الدماء بالوحدة في الاساطير، بعدما سأموا كل أوهام العالم وضاقت بهم الأرض، إنهم المدركون للحقيقة الساخرة لغرور الدنيا، الذين اختبروا شعور البرزخ وهم أحياء، ذلك البرزخ الذي تخرج إليه الروح من الجسد الدنئ الكريه لتكرمها وتلهمها بعد مراقبة ذلك الجسد من الخارج وجلده وتعذيبه واكتشاف ضحالته وفناءه.

إنها الشعرة الأبدية التي تفصل منتهي العقل عن منتهي الجنون، وأنا لي مقعدي الدائم فوق تلك الشعرة ، وهو يناديني منذ الازل، وما أكثر تنكري له ومن ثم أعود له لأستند من صواعق الخزلان، لطالما آواني ،واحتواني، ولملم جراحي، وكساني بالصبر.

فتنت بهم منذ الأزل ولم أدري، وقادني شغفي لهالات العشق التي يهيمون فيها دون أن يدروا، نعم العشق، العشق للسر الاعظم الذي ينطق به كل شئ دون أن نسمع، العشق الذي يجعل لكل الكائنات الحية من أحقرها لأعظمها وكل الجمادات من السماء الي الذرة كيان روحي متصل ومنفصل ومتوحد ومنفرد ومتجدد وازلي، انهم العاشقون الذين لم ينالوا بعد من كبد الحقيقة، ولكنهم باحثون دؤوبون، مدفوعين بفطرة هي السر الأعظم الكامن في داخلهم، ولكنهم لا يشعرون، لا يفهون، فقط مدفوعون دفعا الي ما لا يعلمون، يخترقون كل شئ بخيالهم كالخارقين، ولا يدرون لماذا هم كذلك؟

إنه “الله”، ايها التائهون السابحون في عوالمكم السحرية الموازية، تختلف رؤاكم و شطحات منطقكم مع مستحيلكم تبحثون في اللانهائية، لن تجدوا هناك في النهاية سوي “الله”، هو البداية والنهاية والازل واللانهائية، إنكم تبحثون عنه دون أن تدروا، متصلون به دون أن تعوا، بحبه جعلكم تائهون في ملكوته لتصلوا إليه، لم تخلقوا للاستقرار إلا به، لم تخلقوا للراحة والرسوا إلا إليه، إنه الحب، الله هو الحب، الله هو العشق، الله هو السر، الله هو الإجابة.

اعترف انني اتوه كثيرا وأسبح معكم في ملكوت الكون بلا إرادة أبحث وأبحث وأتوه وأضيع، ولكني أعود لأصل وأتصل، وأعود لأتوه وأنفصل، لم يخلقنا الله جميعا بتلك الحالة الهائمة اللانهائية، ولكني اراه حبا، ومن يحبه الله يتوه ويضيع حتي يجد السبيل إليه…اللهم السبيل إليك.

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …