الانسانية بها سم قاتل

قديماً كان هناك اتفاق علي الصواب والخطأ لكننا الآن نعيش حالة من التحولات ، لنواجه خلطاً متعمداً يتحكم في رؤيتنا للأشياء ، لذلك قد لاتصبح السرقة والقتل جريمة عندما تراها مجموعة من وجهات النظر تظل تناقشها حتي تنسي “الموضوع” الذي كنت تناقشه من كثرة متاهات الأراء والروايات التي أصبحت جزءً منها .

فالصمت الذي كان في حضرة الموت تحول إلي أراء وهريات وشماته ووصلات ردح وخلافات ، ولم يشفع للموت في أي لحظة فداحة أي خسارة وحقارة أي فعل .
فعلي الرغم من أن الشهيد هذه المرة تم اغتياله بخسه وحقارة أمام منزله فقد تحول الحديث نحو “كيف تحدثت زوجته وماذا قال أهله” و اتجه نحو قصور التأمين رغم استشهاد فرد التأمين ؛ بل امتد نحو هريات الصراعات داخل الجيش وغير ذلك من ” فهلوة” تفتح الباب نحو الحوارات الجانبية بعيداً عما حدث .
لذلك إذا كنت من المعجبين أو الكارهين لذلك السياسي فستتذكر رأيه حول الهجوم الارهابي علي جنودنا في سيناء وأنه مجرد “عنف متبادل” وستجد ان أول ما طرق باب قلب مريديه أنه لايقصد وهي ليست أكثر من “ذلة” تويتات !! بل انطلق خيالهم نحو استخدام بعض الكلمات الانسانية البراقة حول احتواء المختلفين وأن الوطن يسع الجميع وكافة شعارات حرية التعبير لتبتعد عما حدث علي الرغم من انك أمام برك يومية من الدماء !!
وقديماً عندما سرق اعلامي يحبه البعض مقالاً كانت بداية المتاهة التقليل من الموضوع ثم عدم الاتفات إلي بشاعة “السرقة” وعدم الاهتمام بدلالتها علي المستوي الشخصي والاخلاقي ؛ بل امتد الأمر لتمجيد الأخطاء الانسانية وعبقرية فعل “الاعتذار” ورقي صاحبه وكان من الممكن أن يتطور لصنع شعار ” لماذا لا يعتذر السارقون” أو هاشتاج “الاعتذار هو الحل” !!
فالنسيان للموضوع الأساسي هو ما يجمع مابين كل هذه المواقف ، لنبتعد عن الشيء الذي حدث سواء خطر الارهاب في سيناء الذي عجزت أن تواجهه أقوي الدول أواغتيال ابنائنا ثم يمتد الأمر لنفقد قدرتنا علي رصد “الجريمة” وإدراك أبعادها وننساق لما يُراد لنا .
وهنا تذكرت وفاة الشاب احمد الجبيلي الذي لم يعرفه أحد ، وطوفان الانسانية الذي جاء بعد وفاته من خلال حملات علي مواقع التواصل الاجتماعي والصحف توالت بعدها الصدقات والعمرات وقراءة القرآن بل التبرع لحفر آبار مياه في افريقيا لروحه ، علي الرغم من أن صفاته ووفاته تنطبق علي العشرات بل المئات من شباب جيشنا وشرطتنا الذين يُستشهدون يومياً فهو مثلهم شاب توفي فجأة !! ، لذلك لم انبهر بانتهاء الحكاية بالقبض علي ارملة ذلك الشاب في قضية “نصب” !! فهل نحن مدركون ؟

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …