افة بلدنا “قالوله”

-شفت الكارثة الجديدة قال عايزين يبنوا الكنايس من غير صلبان .

-ازاي ده واخواتنا المسيحييين هيسكتوا ؟ ده أبسط حقوق المواطنة … ولو سكتوا احنا هنسكت ؟
– بس المسيحيين لو سكتوا الموقف هيكون صعب … هندافع ازاي عن قضية همه اتنازلوا عنها .
– المرة دي تجاوزوا كل الخطوط الحمرا ، دول بينتحروا وهيدمروا البلد . مش كفاية زيادة ضرايب المصريين اللي في الخارج واللا الصفقات والاتفاقيات المشبوهة واللا كارثة التنازل عن الجزيرة اليونانية .
هذا نموذج للحوارات التي تثار علي وسائل التواصل بعد استبدال الموضوع علي اختلاف الكوارث الافتراضية الوهمية ، أما الكارثة الفعلية فتحدث عندما يثير مثل هذه الموضوعات بعض الأسماء اللامعة التي تجعل المواطن الافتراضي يسير في نفس الطريق ، وكأن الجميع مصر علي ممارسة دور المواطن الذي يمارس دور “الشاهد” الذي “ماشفش حاجة” .
والنموذج المعتمد لل “هرية” -المصطلح الذي أُطلق علي الموضوع الذي سيتم قتله تعليقاً وافيهات وسخرية علي مواقع التواصل الاجتماعي – تم إقراره كالاتي : إطلاق تدوينه يتم تشييرها علي اوسع نطاق ، يتبعها الكتابة في نفس الإطار ، ويأتي ختام المرحلة الأولي من خلال تدشين الهشتاج الذي لابد وان يحصد لقب ترند .
بينما تتسلم المرحلة الثانية من “الهرية” وسائل الاعلام التي لابد وأن تشير إلي مايحدث في الصحف والمجلات والبرامج كنوع من مليء مساحات الهواء والأوراق والفضاء الافتراضي ، ومن المعتاد أن يتم ذلك دون أي إشارة معلوماتية عن الموضوع ؛ نظراً لأن المعلومات ستؤكد حقيقة واضحة كالشمس “أنه لا يوجد موضوع” ، وعادةً لايتجاوز عمر “الهرية” في المتوسط يومان وقد يقتصر علي يوم واحد أو أقل فالنهاية يحددها اطلاق “هرية” جديدة .
اللافت للنظر أنه يتم اختيار “الهرية” بناءً علي قاعدة ذهبية وهي عدم منطقية الموضوع ، فببساطة كيف يقر”قانون” عدم وضع “صليب” علي كنيسة ؟ ، كيف نناقش زيادة ضرائب غير موجودة ؟ كيف تتنازل مصر عن “جزيرة يونانية” ؟ ……الخ .
اللافت للنظر أنه علي الرغم من عدم منطقية الموضوع وأنه من الواضح وجود جوانب متعددة تتعلق به ولايمكن اختصاره بهذه البساطة ، إلا أن الحالة مستمرة فمواقع التواصل في حاجة لموضوعات مثيرة تحرك الصفحات الراكدة وكذلك الصحف والبرامج .
ليظل السؤال لماذا تعرض قانون تنظيم بناء الكنائس بنصوص قانونية من الصعب فهمها وإدراك مصطلحاتها وإدارة حوارات معلوماتية جافة، بينما من الممكن اختصاره في كلمتين “الصليب لايؤذيني” وتدوينات انسانية مظهرها الترابط الانساني بين عنصري الوطن وباطنها دعوة لاحتقان المجتمع في زي جديد .
ولماذا تكتب زيادة رسوم تصريح بينما يمكنك عمل “فرقعة” بزيادة ضرائب غير موجودة ، ولماذا تقدم معلومات تاريخية عن أوقاف مصرية في جزيرة يونانية بينما يمكنك الاكتفاء بتنازل مصر عن الجزيرة ؟
تخيل عزيزي القاريء كيف الحال إذا تم الاكتفاء بكل ماهو حقيقي في مواقعنا التواصلية والمعلوماتية وقنواتنا وصحفنا ، فيم إضاعة الوقت لو لم يكن هناك نص وهمي عن منع الصلبان ؟ أين تذهب السخرية في حالة زيادة رسوم ؟ وكيف نعترض إذا لم نتنازل عن جزيرة يونانية ؟ من أين نأتي بالمشكلات إن لم نردد بعض الكلمات غير المنطقية لنصرخ “الدولة تجاوزت كل الخطوط الحمراء” ؟ كيف نشتبك مع بعضنا البعض إذا اختفت كلمة “بيقولوا” ؟ فهل نحن مدركون ؟

شاهد أيضاً

( أرمى الطبله وخليك معانا )

مصر تضيف رصيدا جديدا لدورها الفاعل فى المنطقه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتظل …